Skip to main content
Muscat. Image by Brian from Pixabay
نمو عدد الوافدين ساهم في ارتفاع ايجار العقارات السكنية في سلطنة عمان
Muscat. Image by Brian from Pixabay

شهد سوق العقارات في سلطنة عُمان نمواً مضطرداً خلال العامين الماضيين، وجاء ذلك مدفوعاً بالزيادة الملحوظة في عدد السكان الوافدين على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية، يضاف إليه الاستثمار الاستراتيجي في الاقتصاد، وفقاً للتقرير العقاري لسلطنة عُمان 2023 الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية سفلز Savills.

ويسلط التقرير الضوء أيضاً على انخفاض الدين العام للدولة من 65% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2020، ليصل إلى ما يقرب من 40% في العام 2022، والتحول الإيجابي في أساسيات الاقتصاد الكلي، وتركيز الحكومة على المبادرات الداعمة للنمو والبنية التحتية وتنويع الاقتصاد، والاستثمار في الطاقة الخضراء، والعمل على خلق فرص اقتصادية طويلة الأمد.

 

نظرة عامة على الاقتصاد الكلي والتركيبة السكانية

بعد نموه المضطرد حتى العام 2016، سجّل عدد السكان الوافدين في السلطنة اتجاهاً هبوطياً بدءاً من العام 2017. وتفاقم هذا الانخفاض بسبب جائحة كوفيد-19، ما أدى إلى انخفاض حاد بلغت نسبته 12% تقريباً في إجمالي عدد السكان في العام 2020.

ورغم حدوث انخفاض متواضع في أعداد الوافدين في العام 2021، شكّل العام 2022 نقطة تحول، بعد تسجيل زيادة في عدد الوافدين بنسبة مذهلة بلغت 20% نتيجة تحسّن الظروف الاقتصادية. وتواصل هذا الاتجاه في العام 2023، مسجلاً ارتفاعاً بنسبة 5% حتى الآن مقارنة بالعام السابق. ونتيجة لذلك، ارتفع عدد السكان الوافدين في السلطنة بنسبة 33% من أدنى مستوى له عند 1.63 مليون في سبتمبر 2022، ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 2.17 مليون في مايو 2023.

وفي يونيو من هذا العام، منحت الحكومة العمانية عقداً بقيمة 6.7 مليار دولار أمريكي لبناء أكبر مصنع للهيدروجين الأخضر في العالم في ولاية الدقم. وتعمل أيضاً على تطوير قدرات شبكات السكك الحديدية والمترو في البلاد، فضلاً عن العمل الجاري لبناء خط مهم للسكك الحديدية لنقل الركاب وشحن البضائع يربط صُحار المركز الصناعي في البلاد، بدولة الإمارات العربية المتحدة.
 

العقارات السكنية

بدأ سوق الإيجار للعقارات السكنية في العاصمة مسقط بجني ثمار هذا النمو الملحوظ في زيادة عدد السكان الوافدين. ولم يقتصر الأمر على استقرار قيم الإيجارات، بل تم رصد علامات دالّة على النمو في بعض المناطق.

وشهدت المناطق الرئيسية، مثل الموج والقرم وشاطئ القرم ومدينة السلطان قابوس وغيرها من المناطق، زيادة في الطلب بسبب مواقعها المتميزة ومرافقها المتطورة وجودة العقارات التي توفّرها. وشهد مشروع الموج على وجه الخصوص، ارتفاعاً في القيم الإيجارية بنسبة تراوحت من 10 إلى 20% خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، في حين شهدت منطقة القرم زيادة بنسبة 5 إلى 15%.

وقال ماثيو رايت، رئيس قسم الاستشارات لدى سفِلز عُمان: "ترجح توقعاتنا للفترة على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة، أن تظل قيم الإيجارات للوحدات المتوسطة إلى الراقية مستقرة نسبياً (وقد تظهر زيادات معتدلة في بعض المواقع)، ولكن سيظل تأثير الضغط الهبوطي المعتدل على العقارات ذات الجودة المتدنية".

سوق المكاتب

رغم الاختلال المستمر في معادلة العرض والطلب في مسقط، ظلت قيم الإيجار القابلة للتحقيق للمساحات المكتبية من الجودة المتوسطة إلى العالية مستقرة إلى حدٍّ كبير على مدى الأشهر الثمانية عشر الماضية. ومع أن المُلّاك لا يقومون بخفض القيم الإيجارية الرئيسية، إلا أنهم يقدّمون حوافز لجذب المستأجرين والاحتفاظ بهم، مثل عرض الفترات المجانية. ويتوقع أن يظل السوق مواتياً للمستأجرين في العام المقبل، مع بقاء قيم الإيجار مستقرة، خاصة بالنسبة إلى الوحدات التي تتراوح من الجودة المتوسطة إلى الراقية. ومع ذلك، قد يكون هناك ضغط تصاعدي معتدل المستوى على القيم الإيجارية في بعض المواقع.

وعلى غرار الأسواق الأخرى في المنطقة، شهدت المكاتب المجهزة بالخدمات توسعاً كبيراً في جميع أنحاء مسقط خلال العقد الماضي. ورغم ارتفاع العرض، حافظ الطلب على وتيرته تجاه هذه الفئة من العقارات، ما أدى إلى تسجيل مستويات جيدة من حيث الاستيعاب والإشغال بشكل عام.
 

ارتفاع الطلب

وقال إحسان خروف، رئيس مكتب سفِلز عُمان: "تم تسجيل تأثير إيجابي على أسواق الإيجارات للعقارات السكنية في العاصمة مسقط نتيجة ارتفاع أعداد الوافدين في عُمان. وأدى هذا النمو إلى زيادة الطلب على العقارات المستأجرة، خاصةً في المناطق العالية الجودة. ومع استمرار تعافي الاقتصاد ومحافظة أسعار النفط على وتيرتها، نتوقع زيادة مستمرة في أعداد الوافدين، ومواصلة تسجيل اتجاه إيجابي مستدام في السوق العقاري."
 

وفي تعليقه على الاقتصاد الإقليمي الأوسع، قال سوابنيل بيلاي، المدير المساعد لأبحاث الشرق الأوسط لدى سفِلز: "في إطار السياق العالمي، برزت الشرق الأوسط بطلبٍ قويّ على المساحات المكتبية، حيث يبدو ذلك مغايراً لاتجاهات تقليص الحجم التي شهدناها في مناطق أخرى من العالم. وكان سوق المكاتب في الشرق الأوسط، بما في ذلك بعض المدن مثل دبي وأبوظبي والرياض، قد شهد زيادة في الطلب، ما أدى إلى ارتفاع مستويات الإشغال، وارتفاع القيم الإيجارية في العديد من المشاريع العقارية.

وبالتوازي مع استمرار نمو عدد الوافدين في سلطنة عُمان، واستقرار سوق العقارات، تظل التوقعات الاقتصادية للسلطنة إيجابية، إذ يتوقع صندوق النقد الدولي لها أن تحقق نمواً مضطرداً في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية في الفترة من العام 2024 إلى العام 2028، الأمر الذي يسهم في تعزيز مكانتها كسوق مرن وواعد.